الأحد, يونيو 19, 2016

بنــاء وتدبير وضعيــات التعلم


لا توجد وصفات جاهزة تضمن نجاح وضعيات تعليمية تستجيب لمفهوم التعلم الرامي إلى جعل التلاميذ قادرين على بناء معرفهم بأنفسهم، لكن إدراج مجموعة من المعايير من شأنه دعم هذا التصور في إطار مشروع تعليمي.

أسئلــة أولية

عند ما يكون هدف تعلمي محددا (مفهوم رياضياتي، تقنية،...) فإنه من الضروري رسم الحدود وتثبيت النهايات ومعرفة الحاجات والغايات.

المرحلة الأولى : تحليل واختبار البرامج

  • ما هي خصائص المفهوم المراد معالجتها ؟
  • ما هي الروابط القبلية والبعدية التي تؤطر المفهوم ؟
  • أي تقويم لهذا المفهوم ؟

المرحلة الثانية : أسئلة ديداكتيكية

  • ما هي المسائل التي يتطلب حلها ضرورة استعمال هذا المفهوم ؟
  • يجب أعطاء هذا المعيار أهمية خاصة، وذلك بعدم إدراج مسائل أخرى يستطيع التلاميذ حلها باستعمال مفاهيم أخرى غير تلك التي نود تطويرها أو بناءها.
  • ما هي العوائق التي تعترض التلاميذ لتعلم هذا المفهوم ؟
  • ما هو مستوى التحكم والاستعداد المرتقب عند التلاميذ بخصوص المعارف ومعارف الفعل ؟

تدبير وضعية ديداكتيكية

من أجل موضوع رياضياتي معين يتحمل الأستاذ مسؤولية تعريف مجموعة من وضعيات ترمي إثارة وبناء ودعم وتمديد التعلمات. فالتعلم لا يحصل في مرة واحدة، لأن بناء مفهوم رياضياتي يتطلب وقتا تتخلله لحظات للتقدم وأخرى للرجوع إلى الوراء.
إن تدبير وضعية ديداكتيكية يتم عبر عدة مراحل، ومعرفة هذه المراحل من الأولويات في كل بناء لمثل هذه الوضعيات.

 عدة مراحــل في التعلم

المرحلة الأولى : تملك الوضعية (Appropriation de la situation)

يتبنى التلاميذ المسألة المقترحة وينخرطون في البحث عن الحل بتعبئة واستثمار معلوماتهم السابقة. إنها مرحلة يقوم فيه الأستاذ برصد مكتسبات المتعلمين والصعوبات التي تعترضهم لفهم التعليمات، وفي في نفس الوقت المرحلة التي يقوم فيها التلاميذ بإعمال مفاهيم رياضياتية كأدوات صريحة لحل المسألة على الأقل بكيفية جزئية.

المرحلة الثانية : التعلم (Apprentissage)

يواجه التلاميذ صعوبات لحل المسألة بكيفية كاملة خصوصا إذا كانت الاستراتيجية المستعملة عالية الكلفة ( من حيث الوقت، الأخطاء، عدد العمليات...)، هذه الصعوبات تقود التلاميذ إلى البحث عن أدوات جديدة تقبل التكيف.
في بعض الأحيان يلعب تغيير الأنساق دورا حاسما في مواجهة الصعوبات وتيسير الفهم وتمكين المتعلمين من إعمال ضمني لأدوات جديدة وذلك إما بتمديد صلاحية القديمة أو بخلق أخرى جديدة.

المرحلة الثالثة : التوضيح والصياغة (Explicitation et formulation)

بعض العناصر من المرحلة السابقة كان لها دورا أساسيا في البحث عن الحل، إنها عناصر يتبناها المتعلمون ويتم صياغتها ككائنات أو ممارسات تحت شروط موقتة، وقد يتعلق الأمر بتصورات أو أفكار تكون موضوعا للمناقشة والتفاوض وتقود إلى صياغات مبررة تمثل أداة جديدة وصريحة قابلة للاستعمال والاستئناس.
إن صدق وصلاحية إنتاجات التلاميذ في هذه المرحلة تناقش بكيفية جماعية.

المرحلــة الرابعة : التمرن ( Entraînement )

إن الهدف من هذه المرحلة هو جعل كل تلميذ يمتلك الأداة الجديدة ويستعملها.

المرحلة الخامسة : المأسســة ( Institutionnalisation )

في وضعيات التواصل يتلقى المتعلمون المعلومات بكيفية متباينة، وإعطاء طابع الشرعية لبعض المعلومات التي لا زالت أدوات لم تصل إلى مستوى المعارف، وترقيتها إلى كائنات أو مواضيع رياضياتية شرط ضروري لبناء معرفة القسم وضمان مسارها التطوري.

إن دور الأستاذ يتمثل في عرض ما هو جديد مع الاحتفاظ بالاصطلاحات المستعملة، وتنظيم وهيكلة التعاريف والمبرهنات والبراهين بالتركيز على ما هو أساسي، فهو مسؤول إذن عن ترقية المفهوم المستعمل وانتقاله من طابعه ألأداتي إلى الطابع الموضوعي.

المرحلة السادسة : الاستئناس وإعادة الاستثمار (Familiarisation – réinvestissement )

يقوم التلاميذ بحل مسائل وتمارين متنوعة مستعملين في ذلك المفاهيم التي تمت مأسستها، ويعملون على تطوير السلوكات ومعارف الفعل وإدماجها، ووضعها رهن الاختبار في وضعيات معقدة تسمح لهم بتطوير مستوى التحكم في المكتسبات الجديدة.

المرحلة السابعة : مسألة جديدة (Nouveau problème )

يقترح الأستاذ على التلاميذ مسألة معقدة يتخذ فيها موضوع الدراسة مكان معرفة قديمة في سلك جديد.
في بعض الأحيان يكون من الضروري قطع أكثر من سلك للوصول إلى سلك تعلمي كامل.
بعض الأدوات والممارسات الاعتيادية تنتظر سنوات  قبل أن تتحول إلى كائنات أو مواضيع معرفية
بعض الكائنات الرياضياتية قد تكون موضوع عرض مباشر من طرف الأستاذ أو الكتاب المدرسي.

ضمان التحكم في الأدوات التقنية

إن المعلومات الجديدة يتم بناؤها على أساس المعلومات القديمة، لذلك ينبغي تعرف هذه الأخيرة، وتقويم مستوى التحكم فيها من أجل اقتراح إجراءات نوعية  تطويرية.

 تحليل العلاقات بين التلاميذ والمعارف الرياضياتية المستهدفة

غالبا ما يقيم التلاميذ علاقات صعبة ومعقدة مع المعارف الرياضياتية، نتيجة حالات الفشل المتكررة خلال مسارهم الدراسي، هذه العلاقات تتغير عند ما يتم تعويض الأنشطة التقليدية بوضعيات مسائل مفتوحة تدعو المتعلمين إلى بناء استراتيجيات شخصية في البحث عن الحل.

توقع وضعيات تطويرية

إن وضعيات التعلم والتعليم ينبغي إعدادها بحيث تكون الأدوات المعروفة التي يتحكم فيها المتعلمون لا تمكنهم من حل الوضعية المسألة المقترحة بكيفية كاملة ومرضية ، لأن الصعوبات التي تواجههم في البحث عن الحل هي في النهاية المنطلق لبناء وتطوير معارفهم، وأن أي إقصاء أو تجنب لهذه الصعوبات لا يسهل التعلم، بل يجعل المعارف المستهدفة تفقد معناها عندهم.

 تعرف المتغيرات الديداكتيكية

إن تواجد العوائق التي تقود إلى تطوير المعارف عند المتعلمين يتم من خلال مناولة متغيرات ديداكتيكية، وهي بدورها عوائق تحدث لديهم اختلالات تكون ضرورية للتعلم (اللاتوازن المعرفي عند بياجي )، ولذلك يصبح ضروريا وصف هذه العوائق وتحديد الدور الذي تؤديه، وحدود نجاعتها في حل بعض الوضعيات المسائل.
ومن الأمثلة على ذلك نذكر :

  • مغيرات مرتبطة بالمحتوى.
  • حجم الأعداد المتداولة : إن حجم الأعداد ( من حيث كبرها أو صغرها ) وطبيعتها (طبيعية، عشرية، أوكسرية) الواردة في مسألة يؤثر سلبا أو إيجابا في حل المسألة من حيث الكلفة والصعوبة أو السهولة.
  • صورة أو طبيعة الشكل الهندسي وموقعه بالنسبة لهوامش الصفحة (أفقي ، عمودي، مائل..)
  • متغيرات مرتبطة بتدبير الوضعية
  • ضرورة القيام بصياغة كتابية للنتيجة أو الطريقة المعتمدة
  • شكل العمل المطلوب : فردي أو جماعي يؤدي إلى إنتاجات متباعدة أو متقاربة

 تحديد الإعمــال

التعليمات
ينبغي أن تكون واضحة بحيث تمكن المتعلمين من تعرف المهمة المطلوبة بكيفية واضحة لا تقبل التأويل، غير أنها لا يجب أن توجه التلاميذ إلى الحل أو توحي به أو تحمل مؤشرات عن الطرق التي ينبغي استعمالها.
دور الأستــاذ :
  • يتحقق من أن جميع التلاميذ قد انخرطوا في البحث عن الحل.
  • يتحقق من أن كل تلميذ قد قام بعرض نتيجة أعماله
  • يسهل الحوار بين أفراد مجموعات العمل في حالة العمل بالمجموعات
  • يسهل عرض النتائج وتنشيط النقاش، ولا يتدخل في محتوى الحوارات داخل مجموعات العمل، ولكن يمكنه أن يطلب منهم صياغة كل ما يتفقون عليه من نتائج من أجل عرضها خلال مرحلة العرض الجماعي.
  • يحث على بناء وحسن بلورة التبريرات والصلاحيات
  • يعرف المعارف الجديدة ومعارف الفعل التي تم بناؤها ويحدد ما هو أساسي يجب الاحتفاظ به وما هو ثانوي.

أشكــال العمل :

يعتبر التناوب والتكامل بين أشكال العمل من العوامل المهمة والفاعلة في تنشيط وتطوير الوضعيات. ذلك أن العمل بالمجموعات يسمح بالحوار ويشجعه ويحث على النقاش والتفاوض ويبرز الصعوبات ومختلف التصورات و يقود إلى إنتاجات متباعدة، كما يمكن من التعاون وتجاوز الخلافات والمواجهات الفكرية.
إنها فرصة بالنسبة للأستاذ تسمح له بتقديم دعم فارقي على ضوء الإنتاجات المقترحة.
أما العمل الفردي فلا يجب التقليل من أهميته، إنه أسلوب يمكن كل متعلم من استعمال وتعبئة معلوماته الذاتية واختبارها.

MathMaroc الأحد, يونيو 19, 2016


شارك الموضوع مع أصدقائك كي تعم اﻹستفادة



مواضيع مشابهة قد تهمك

آخر كتب تم نشرها Mathematics books for free



نرحب بجميع تعليقاتكم واستفساراتكم هنا

ملاحظاتكم وتعليقاتكم حول الموضوع