الأحد, أبريل 19, 2015

كيف تجعل مستواك جيدا في الرياضيات ؟

كم هو مفرح أن تحصل على النقطة الأولى في الرياضيات ! وكم هو محبط أن تكون دائما من الخوالف ! لكن الذي يقلقك دائما أن تظل نقطتك معتدلة ومستقرة كل مرة ، وأنت عند نفسك تبلغ المجهود تلو الآخر ، فلا تدري كيف لا تتزايد نقطتك !

إن كنت من هؤلاء ، فاقرأ مقالتي هاته عسى أن تفك لك اللغز !

من الممتع للمدرس أن يلاحظ عن كثب كيف يعمل التلاميذ وكيف يفكرون ، بل أن يكتشف عوالمهم الغامضة من خلال الرياضيات ! ليس ذلك بالسهل ؛ فالتلميذ المتعثر دائما قد يدل للمدرس على كسله الدائم ، لكن الأمر ليس كذلك على العموم ، فجوابه عن سؤال أو عدة أسئلة قليلة قد أخذ منه الجهد الكبير والعناء الكثير ؛ كيف لا وهو أمام عالم مجهول !

والتلميذ المجد دائما ، لكن الذي يعيد ارتكاب نفس الأخطاء قد يدل لك على التهور وعدم الانتباه ! لكن ليس كذلك ؛ فالخطأ في الرياضيات حلقة مرتبطة بحلقات كثيرة  ، إن أردت تصحيحها فأنت أمام نظمة عليك حلها بشكل دقيق ومتقن ، ولابد لك من الخبرة في التناول .

إن الملاحظ كن كثب لعمل التلاميذ في الرياضيات ، ليستنتج هذه الملاحظات المهمة :

1) الاعتقاد السائد بكون الرياضيات مادة صعبة ، وتنامي ظاهرة العزوف عنها ، مما يؤدي إلى نوع من العقدة لدى التلاميذ .

2) الاعتقاد بأن الرياضيات تلقن كباقي المواد ، وتدرك فقط بالحضور في الحصص ونقلها كتابة على الدفاتر.. وهذا خطر عام تلاحظه بسهولة ؛ فالتلميذ لا يكلف نفسه لمعرفة الخاصيات وتطبيق المناسب منها .

3) عدم قدرة غالبية التلاميذ على معرفة الأساسي في كل درس وهيكلية الدرس . وهذا ناتج عن الخلل في طرق مراجعة الدروس وتطبيقها عبر التمارين .

4) عدم قدرة غالبية التلاميذ على تنظيم الحل الرياضي على الورقة وتخبطهم الملحوظ في كتابة وتنظيم الأجوبة ، وهذا ناتج عن قلة الممارسة وعدم اهتمام المدرس بالصياغة الرياضياتية الجيدة  واحترام قواعد المنطق والبرهنة .

5) الخلل الواضح في القدرة على التنظيم وفقدان آليات البحث والاستمرار والمداومة في العمل في الرياضيات ؛ فالأغلبية لا يستطيعون الجلوس مدة زمنية كافية لتعلم الرياضيات ، فالملاحظ تدبدبهم الدائم وعدم الاستقرار ، ويكون من النتائج الوخيمة تراكم المعارف والصعوبات المتزايدة .

6) الخلل الواضح في ربط العمل في الرياضيات بالحصول على النقطة بشكل معين ؛ فالحصول على نقطة مقبولة عندك بطرق معينة لا يعني أنك تعرف الرياضيات ؛ وهذه من المخاطر على مستقبل الرياضيات والتلاميذ ، لوجود الخلل في المعايير ، وهذا ينطلي على باقي المواد الدراسية .

ها أنت قد قد عرفت شيئا عن مكامن الخلل ، فهل من مخرج من هذا النفق ؟؟

- أولا ، هل تعلم أن المستقبل ينتظرك ، وأنك أنت الذي تصنعه بنفسك ، فكيف يكون حالك إن كانت الصناعة فاسدة ! هل يعقل أن توهب سنين الشباب كاملة وتخفق في عمل شيء يذكر ! ل تعلم أن نفسك ليست الوحيدة التي تنتظرك ، بل مجتمع بأكمله ؛ فأنت لبنة منه .

- ثانيا ، قبل أن تقرأ باقي المقالة عليك أن تؤمن إيمانا راسخا أنك واحد من الخلق ، تتوفر على عقل وقلب كافيين على فعل الممكن والمستحيل ، فأنت بذلك إن كنت تعاني في الرياضيات فاعلم أن كثير من الخلق يعانون ، لكن هل فكرت يوما كيف ارتقى البعض نجوما في الرياضيات ؟ كيف لا تسمح لنفسك أن تكون مثلهم ؟ هل تعرف كيف يفكرون ؟ كيف يعملون ؟ كيف ينظمون أوقاتهم ؟ كن فضوليا حيث الفضول وسترى كيف تصنع !

- ثالثا، اعلم أنك قوي وأزل مكامن الضعف عن نفسك ، وكن متيقنا بإرادتك وقوتك ، وانطلق كالآخرين ، وإلا فمصيرك الشقاء ؛ فالرياضيات زائلة يوما من حياتك ، لكنك ستبقى ضعيفا جامدا في الحياة !


- رابعا ، قد تتفوق في الحياة ، بدون التفوق الدراسي ، قد يحدث ، لكنه صعب للغاية ؛ فأنت قد وهبت نفسك للدراسة ، ولم يتسن لك أن تتعلم شيئا خارج  حجرات الدراسة ، فهل تقدر أن تجابه الحياة كالآباء في معاناتهم اليومية ؟ ربما ، إن لم تكن عالة عليهم كما حالك الآن ؛ تأكل من أيديهم ، فكيف تكون ضعيفا في الدراسة !؟ أمر غير مقبول !

- خامسا ،  إن لم يكن لديك مكتب للدراسة ولا مكان لذلك ، فأسرع بحل المشكل . أما إن كان كذلك ، فأسرع بتنظيفه من غبار الكسل والخمول ، ونظم أوراقك وغرفتك قبل البدايــة ؛ فبترتيبك لنفسك أمام الآخرين ، رتب نفسك لنفسك ، فالمستقبل ينتظرك وهو مليء بالمفاجئات ، ولا ينفع معه إلا الجد والتنظيم .

- سادسا ، إن كنت في زوبعة في الحياة ، ولا تعرف غير المرح والراحة والسمر مع من هب ودب ، فلن تتعلم الرياضيات ، فأنت في واد سحيق ، والرياضيات على سطح الحياة تزهو في حياة الناس بجمالها وتنظيمها ، فهل تترك الزوبعة للجمال والتنظيم شيئا ؟ سارع إذن بقطع الصلة بكل التشويشات الممكنة من صديق زائف أو هاتف مستهلك للوقت أو وسيلة تجعلك جسدا يرتمي على الكراسي والأفرشة .

- سابعا ، إن كنت تعتقد أن الرياضيات تدرك فقط بالحضور إلى حصصها ، وتدوين الخاصيات وتأطيرها ، فأنت مخطيء . ما عليك إلا أن تعيد النظر في طريقتك . الوقت حان للعمل والتضحية . فكم تجلس من الوقت لدراسة الرياضيات ؟ نصف ساعة ! غير كافية على الاطلاق . ساعة ؟ لا أعتقد أنها كافية . أنت في مقتبل العمر ولا تستطيع أن تجلس الساعات الطوال بين الكتب ؟ فأي جليس في الأنام خير من الكتب ؟


- ثامنا ، كيف تقرأ درس الرياضيات ؟ ربما لا تقرؤه ، وتحاول عمل تمرين ما ! بهذه الطريقة لن تفعل شيئا . فماذا أفعل ؟ من الأحسن أن تخصص بعد دفتر الدروس والتمارين ، دفترا خاصا بك ؛ تدون فيه خلاصات مركزة للدروس ، كيف ذلك ؟ تراجع درس الرياضيات قراءة وتمحيصا بتكرار ، تعيد الأجوبة بنفسك .. في نهاية المطاف تدون في دفترك هيكلا للدرس باقتضاب . ربما تدون فيه إضافات لم يشر إليها مدرسك .  ومن الضروري أن تخصص وقتا بعينه للرياضيات وتتقيد به .

- تاسعا، قرأت الدرس ، ولا أدري كيف أصنع ! لا بأس ، ابدأ بواجب المدرس أولا . فإن لم يكن ، ابدأ بالتمارين السهلة ، تمرينا تمرينا في كل فقرة من الدرس ، حاول تطبيق الخاصية المناسبة ، فإن تعثرت ، فتلك البدايــة . أعد المحاولة ، راجع طريقة المدرس ، أنظر الجواب في نهاية المطاف . قد تجد صعوبة في مفهوم سابق ، استعن بالكتب المناسبة في ذلك . فإن تمكنت من التمارين السهلة ، انتقل إلى الصعب والأصعب والمسائل الطوال .

- عاشرا ، كيف تفعل في الحصة ؟ تجلس وتكتب بدون حركة ولا سؤال ولا مشاركة ؟ بهذه الطريقة فأنت سلبي محض !

شارك في كل مناسبة تقدر عليها ، لا تخجل من الخطأ ، اسأل المدرس كل مرة ، فدوره مساعدتك دائما ، بادل أفكارك مع زملائك ، واطلب منهم المساعدة داخل القسم ، أو يخصصون لك وقتا بعينه للمساعدة ، فأنت قد تساعدهم في مادة أخرى .

- إحدى عشر ، لا حظ كيف يعمل المتفوقون في الرياضيات ، اقترب منهم ، استكشف عوالمهم ، فهم القدوة لك في الرياضيات . سترى في نهاية المطاف أنهم فقط يعرفون دروسهم جيدا ، ويطبقونها جيدا . هل تعتقد غير ذلك ؟ ربما تقول إنهم أذكياء ! قد يكون فيهم الأذكياء ، لكن  في غياب تنظيمهم ومعرفتهم للخاصيات يكون ذكاؤهم وبالا عليهم !

- إثنى عشر ، كيف تكتب الحلول وأنت تعمل تمارين ؟ إن كنت تكتب في هوامش الأوراق ، أو بشكل متخبط هنا وهناك ، فأنت لا تعرف معنى الرياضيات ! من العوامل المساعدة في إيجاد الحل لتمرين ، الوضوح والتنظيم والكتابة بشكل مقروء واضح ، وإن كنت لست في امتحان ، فالمفترض ذلك . كلما كنت واضحا وخصصت أوراقا بعينها للبحث ، كلما لا مست طريق التقدم في الرياضيات .


- ثلاثة عشر ، مر الاختبار في الرياضيات ، حصلت على نقطة لا تعجبك . ليست النهاية ، أنت في البداية ، فقط شمر عن ساعدك لتكون نقطة الاختبار الموالي أحسن من الأولى . لكن كيف تنظم وقت الاختبار ؟ من التلاميذ من يستغرق وقته في تمرين واحد نصف المدة المخصصة للاختبار ! هذا غير معقول ، أنظر بنفسك جيدا إلى تنقيط التمارين واستكشف بسرعة المدة الزمنية دون تجاوزها ، كيف يعقل أن أبقى في سؤال تكفيه خمس دقائق وقتا أطول ، لأني لم أجد الحل ، فأصاب بالتخبط وفقدان التوزن النفسي !

- أربعة عشر ، كيف تصنع وقد أصابك الملل من العمل الدؤوب ؟ تلك إذن من علامات النجاح . فلا تتراجع إلى الوراء ولا تفشل أبدا . من المفيد أن تهيأ مكتبك وتزينه ، وتضع لك قبل أثناء الدراسة كأس قهوة أو مشروب ، ومن المفيد المداومة على المشي والرياضة ، أو قراءة القصص والكتب الثقافية الشيقة ، أو الجلوس مع خير الأصدقاء . لكن لا تنس أن الرياضيات تنتظرك ، فالخاصيات تزداد يوما بعد يوم .

إن أخذت بنصائحي هاته ، صرت بعد حين كما تريد ، بل ستكتشف أن المتعة في العمل والبحث ، وأن الطريق إلى التفوق لا بد له من التضحية الدائمة ، وستكتشف ما كانت تخفيه لك نفسك .

أنا لم أتكلم من فراغ ، فقد رأيت خلال سنين طوال كيف ارتقى كثير من التلاميذ في الرياضيات بعد أن كانوا في الحضيض ! فهل ترضى لنفسك أن تبقى في الحضيض ؟

MathMaroc الأحد, أبريل 19, 2015


شارك الموضوع مع أصدقائك كي تعم اﻹستفادة



مواضيع مشابهة قد تهمك

آخر كتب تم نشرها Mathematics books for free



نرحب بجميع تعليقاتكم واستفساراتكم هنا

ملاحظاتكم وتعليقاتكم حول الموضوع